استقبل سماحة المفتي في دار الفتوى النائب نهاد المشنوق الذي دع بعد اللقاء من دار الفتوى اللبنانيين إلى “المشاركة في تحرير لبنان من الاحتلال الإيراني، وذلك على الأسس العميقة والجديّة التي وضعها سماحة المفتي الشيخ عبد الطيف دريان، وغبطة البطريرك بشارة الراعي”، معتبراً “أيّ كلام آخر هو تضييع الوقت في تسويات لم تؤدّ منذ 14 شباط 2005 إلى اليوم إلا إلى نتائج مثل تفجير مرفأ بيروت”.
وقال المشنوق إنّه قرأ بدقّة الحكم الذي صدر عن المحكمة الدولية، وكان واضحاً أنّ السياق السياسي للقرار يحدّد بشكل واضح أنّ حزب الله هو الذي ارتكب هذه الجريمة”، وأنّ “عدم اتهام دول سببه المواصفات أو القواعد التي أنشئت على أساسها المحكمة وتنصّ على عدم اتهام أحزاب أو دول”.
وذكّر أنّ :غبطة البطريرك وضع قواعد أساسية أهمها تحرير الشرعية، باعتبار هذه الشرعية محتلة، وتحدّث عن انتخابات نيابية مبكرة، وعن تنفيذ القرارات الدولية، التي كلنا نعرفها وتتعلق بالقرارين 1701 و1559، لئلا يكون هناك سلاح خارج الشرعية ولا معابر خارج سلطة الدولة وخارج الشرعية، خصوصاً على الحدود اللبنانية – السورية كما يحدث دائماً”.
وأعلن المشنوق دعمه للنقاط الثلاثة التي طالب بها المفتي، مشدّداً على أنّها “قواعد أساسية لتوزان السلطات وللاستمرار بحياة ديمقراطية عادية”، ولخّصها بالتالي: “التحقيق الدولي في مجزرة المرفأ، وأن يدعو رئيس الجمهورية إلى الاستشارات النيابية الملزمة، بدل التأليف قبل التكليف، والذهاب إلى تغيير جذري في السلطة للتعبير عن إرادة الشباب وكل الناس، من خلال انتخابات نيابية مبكرة بعد العمل على توفير شروط حريتها ونزاهتها وأوّلها قانون انتخاب ملائم”.
وسأل المشنوق رئيس الجمهورية: “كيف يقول إنّ التحقيق الدولي هو تضييع للوقت، وبوافق ويطلب مشاركة الـ FBI الأميركي في التحقيق، من دون أن تكون له صلاحيات دستورية تسمح له بهذه المشاركة، وهناك بعثة فرنسية أيضاً”، معتبراً أنّ “هذا أمر لا منطق فيه ولا توازن ولا احترام لعقول الناس”.
وأكّد أنّ “التأليف قبل التكليف تجاوزٌ للميثاقية، وهذا أمر لا نقبل به. وهذه الافتعالات والأعراف تؤسس إلى مزيد من الشرخ. وليسمح لنا فخامة الرئيس وغير فخامة الرئيس، مجلس النواب هو يقرّر”، وتابع: “صحيح أن لا نصّ دستورياً يلزم الرئيس أن يقوم بالاستشارات في وقت محدّد، لكن أيضاً لا نصّ دستورياً يسمح له أو لغيره بأن يشكّل حكومة أو أن يتحدث في تأليفها قبل تكليف رئيس الحكومة. هذه واجباته تجاه المجلس النيابي المنتخب من الشعب بصرف النظر عن رأي الشعب هذه الأيام بالطبقة السياسية. فرئيس الحكومة المكلّف هو الذي يشكل وهو الذي يزور رئيس الجمهورية ويبلغه بما توصل إليه”.
وردّاً على سؤال حول “طالب انعقاد اجتماع موسع في دار الفتوى برعاية مفتي الجمهورية وبحضور رؤساء الحكومات السابقين والنواب الحاليين وأعضاء المجلس الشرعي ومفتي المحافظات لوضع حد لهذه المسألة التي ينتهجها البعض لاختيار رئيس الحكومة وشكل الحكومة”، أجاب المشنوق: “تشاورت مع سماحة المفتي بهذا الموضوع وهو يقوم بجهد جدي بهذا الاتجاه سواء يأخذ هذا الشكل أو أكثر أو أقل. لكنّ سماحته لن يقبل ولا لحظة باستمرار هذه المهزلة وستيحمل مسؤوليته بكونه زعيماً دينياً لأهل السنة. وأعتقد أن هناك أشكالا عديدة مطروحة لهذا الاجتماع وسماحته يقرر خلال 72 ساعة كحدّ أقصى ما الشكل الذي سيأخذه. ونتائجه معروفة وهي الاعتراض على ما يحدث والإمساك بالقرار باعتبار رئيس الحكومة المكلف هو الذي يشكل الحكومة وليس أحد آخر”.
وردّاً على سؤال دعا المشنوق إلى تسمية الدكتور نوّاف سلام لرئاسة الحكومة، متوجّها إلى الرئيس سعد الحريري بأنّه “يجب أن يسمّيه سلام أيضاً، ليأتي شخص من خارج هذه الطبقة وليس لديه التزاماتها ولا ربط نزاعاتها مع مجموعة محترفين جديين قادرين فعلياً على إعادة بناء البلد بشكل أو بآخر، ويمكنه أن يتجاوز الكثير من العقبات التي عاشها الرئيس الحريري وعشناها معه لسنوات طويلة”.
وفي ردّ على سؤال آخر اعتبر أنّه “لا يمكن لأحد أن يطلب التضحية من قاتل. هذا مخالف للطبيعة السياسية ومخالف للطبيعة الإنسانية ومخالف لكل طبائع التعامل السياسي أو الشخصي أو المهني”. وسأل: “كيف يمكن طلب التضحية من قاتل وقيادته ليست مرتبكة ولا معترفة. وأساساً تداوم يومياً على القول إنّها لا تعترف بالمحكمة، ثم تسمع وزير العدل حينما أنشئت المحكمة الدكتور شارل رزق يقول إنّه كان يجتمع مرات ومرات مع السيد حسن نصرالله ويراجع معه مسودّة إنشاء المحكمة، ما خلق علاقة شخصية “لطيفة جداً” وإعجاباً من الدكتور رزق بالسيد حسن؟ كيف لا تعترف بالمحكمة وفي الوقت نفسه كنت تقعد الاجتماعات لمناقشة المسودات التابعة لها؟”.
واعتبر المشنق أنّ “الردّ الحقيقي والمنطقي على الحكم يكون بتأكيد أنّنا لن نشارك في أي مجلس وزراء ولا رئاسة ولا عضوية، بوجود حزب الله، ما لم يتم الاتفاق بشكل نهائي وقاطع وحاسم على استراتيجية دفاعية تنهي غلبة السلاح على الدولة، وفي الوقت نفسه الانسحاب من مناطق الاعتداء في سوريا وفي العراق وفي اليمن وفي كل مكان وإنهاء سياسة الاعتداء على العرب”.
وقال نائب بيروت: “قرأت أمس كلمة ألقاها السيد حسن يوم السبت مساء بمناسبة عاشوراء. قدّم خلالها مقارنة بين دورهم وبين الدور الأميركي، يقول خلالها إنّ طلما الأميركي له الحقّ بالتدخل هنا وهناك، فهم أيضاً لا تلزمهم الحدود الجغرافية وبإمكانهم التدخل هنا وهناك. وأسأله هنا: كيف ذلك؟ وأنتم كل نظريتكم قائمة على أنّ أميركا معتدية، فإذا كنتم تريدون ممارسة الدور نفسه مع الاختلاف “الهمايوني” في الأحجام، حينها كلّ تصرفكم خارج لبنان اعتداءً. فضلاً عن أنه في تاريخ لبنان أيضاً في سجلكم عدد لا بأس به من الاعتداءات”.