احتفلت جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت بتخريج 306 طالب وطالبة في الصفوف النهائية في ثانوياتها ومعاهدها تحت شعار “مقاصديون … نعم” بحضور مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان وممثل رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري الدكتور محمد السماك والنائب نزيه نجم والوزير السابق خالد قباني والنائب السابق محمد الأمين عيتاني وأعضاء مجلس أمناء المقاصد وحشد من الشخصيات وذوي الطلاب.
استهل الحفل بدخول موكب المتخرجين والهيئة التعليمية، ثم بالنشيد الوطني وبعد تلاوة عشر من القرآن الكريم، القى رئيس جمعية المقاصد الدكتور فيصل سنو جاء فيها: النجاح لا يجعل الرجال عظاماً. الرجال العظام هم الذين يجعلون من النجاح أساساً للغد الأفضل، قد تمرض المقاصد، وهذا امر ممكن في كل المؤسسات والشركات ولكنها لا تموت كما يحدث لبعض المرضى . لأن المقاصد هي مجتمعها يحيطها ويدفع عنها الأذى بل ويمدها بما ينقصها عندما يطمئن .فالمقاصد بخير وهي المؤسسة العريقة كطائر الفينيق ، تقوم من تحت ما يهيئ للبعض انه انقاض.
أضاف: تاريخ المقاصد يدافع عن الموقع السياسي الأول الذي يمثله فلن يستطيع شخص مهما علا أن يغير من أساس نهجها.
يجب أن نعي ان هدفنا ليس المحافظة على المؤسسة، لقد أثبتت أنها قادرة على البقاء، رغم العمل الممنهج لتزويبها، إنما هدفنا هو تطوير وتحديث وبناء لتكبر المؤسسة مع أهلنا.
وختم: ان من أهم الأمور هو المحافظة على اقتصاديات المقاصد لتبقى قلعة وشجرة يانعة تعطي أكلها في كل حين، وليست صحراء قاحلة، والعمل العام يحسب حساب المجتمع وليس حساب الأفراد، نحن هناك وانتم هناك وسنصل الى الهدف لأننا نعمل بإذن الله، بعقل وتجرد هدفه المقاصد أستطيع أن أقول الآن وبكل ثقة أن المقاصد كل المقاصد بخير وسيرها بخطى ثابتة على الأرض تنظر الى الأمام ولسنا بغافلين عما يدور حولنا ، حتى ولو ظن البعض إننا غافلين.
وتحدث سماحة المفتي فقال: لقد كانتِ المَقَاصِدُ مُنذُ أكْثَرَ مِنْ مئةٍ وأربعينَ عامًا، وَسَتَبْقَى بِإذِنِ الله، مَنَارَةً لِلعِلمِ والتَّربِيَة، رافعةً رَايَةَ الإسلامِ وَالعُرُوبَة، وَالوَطَنِيَّةِ اللبنانية، المُنْفَتِحَةِ على الجَمِيع.
في العَقلِ نَستَطِيعُ أنْ نَرَى مَا لا يُرَى بِالعَينِ المُجَرَّدَة، وَنَستَطِيعُ أَنْ نَبْنِيَ المُستَقبَلَ بِمَا يَحفَظُ كَرَامَتَنَا الإنسانيَّة، وَيَصُونُ حُقُوقَنَا الوَطَنِيَّة، فَلا شيئَ يَحدُثُ بِالصِّدفَة. إنَّ مُجْتَمَعًا مِنَ الخِرَافِ مُعَرَّضٌ لِأَنْ تَقُودَهُ الذِّئاب، فلا تَكُونُوا خِرَافًا مُسْتَبَاحَة، وَلا ذِئابًا مُعْتَدِيَة، بل كُونُوا مُوَاطِنِينَ صَالِحِين، مَقَاصِدِيِّينَ مُؤْمِنِين، مُنْفَتِحِينَ على الحِوَارِ مَعَ شُرَكَائكُمْ وَإِخْوَتِكُمْ في الوَطَن، بِاحْتِرَامٍ وَمَحَبَّة، مِنْ أَجْلِ عَيشٍ وَطَنِيٍّ سليم.
أضاف: إنَّ الخِلافَاتِ وَالصِّرَاعَاتِ الفِئَوِيَّة، التي تُعَرقِلُ نُمُوَّ مُجتَمَعِنَا الوَطَنِيّ، بَاتَتْ تُشَكِّلُ عِبْئًا على حَاضِرِكُمْ، وَحَتَّى على مُسْتَقْبَلِكُمْ. فَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا، فلا بُدَّ مِنْ أَنْ يَنْقَشِعَ ظَلامُ هذه الخِلافَاتِ العَبَثِيَّة، ولا بُدَّ مِنْ أنْ يَسطَعَ نُورُ الوِفَاقِ الوَطَنِيّ، الذي يُضِيءُ السَّبِيلَ أَمَامَ طُمُوحَاتِكُمْ في غَدٍ مُشرِقٍ إنْ شَاءَ الله
لا تُصَدِّقُوا أَنْصَافَ الحَقَائق. إنَّ نِصْفَ الحَقِيقَةِ كِذْبَةٌ كُبْرَى، وَلا تُصَدِّقُوا أنَّهُ في مُجْتَمَعٍ مُتَعَدِّدٍ كَالمُجْتَمَعِ اللبنانيّ، تُوجَدُ حَقِيقَةٌ وَاحِدَةٌ وَمُطلَقَة. فلا يُوجَدُ مَا هُوَ أخْطَرُ مِنَ الفِكرَةِ التي لا تُقَابِلُها فِكْرَةٌ أو أفْكَارٌ أُخرى.
وتابع قائلا: كُونُوا مُنْفَتِحِينَ على الحِوَار، لَيسَ فَقَطْ لِإقْنَاعِ الآخَرِ المُخْتَلِف، إنَّمَا لِلاقْتِنَاعِ مِنهُ أيضًا. وَاحْذَرُوا التَّعَصُّب، فإنَّهُ عَدُوُّ الإقناعِ وَعَدُوُّ الحِوَار.
وفي الحِسَابَاتِ الأخيرة، فَكُلُّنَا – أنتم ونحن – نِتَاجُ أَفْكَارِنَا، وَالفِكْرُ المَقَاصِدِيُّ فِكرٌ إسلامِيٌّ عَرَبِيٌّ وَطَنِيّ، مُنْفَتِحٌ سَمْحٌ وَمُعْتَدِل، يَخْدُمُ التَّعَدُّدَ والاختِلاف، وَيَتَرَفَّعُ عَنِ التَّطَرُّفِ وَاحْتِكَارِ الحَقِيقة، لِأنَّهُ يُدرِكُ أنَّ بَينَ التَّطَرُّفِ وَالبَربَرِيَّةِ خُطوَةٌ وَاحِدة. إنَّهُ فِكرٌ يَتُوقُ إلى الفَضِيلة، وَيَسْعَى إليها، وَأنَّى وَجَدَهَا فَهُوَ أَحَقُّ النَّاسِ بِهَا.
وباسم المتخرجين شكر الطالبة نسرين قمورية الهيئة التعليمية على رعايتها لهم، ثم وزع المفتي دريان وممثل الرئيس الحريري والدكتور سنو ومديرة التعليم في جمعية المقاصد الدكتورة غنى البدوي الشهادات والدروع على الخريجين. واختتم الحفل بالنشيد المقاصدي.