الصلوات الخمس، كل منها لها وقت معيَّن، ذو بداية لا تصح إذا قدمت عليها، وذو نهاية لا يجوز تأخيرها عنها.
قال الله تعالى: {… إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} سورة النساء؛ الآية: 103. أي كانت فريضة محدَّدة بأوقات مخصوصة.
والحديث الذي يجمع مواقيت الصلوات الخمس ما رواه مسلم وغيره عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: أنَّه أتاه سائلٌ يسأله عن مواقيت الصلاة فلم يَرُدَّ عليه شيئاً. وفي رواية أخرى قال: ” اشهد معنا الصلاة ” قال: فأقام الفجر حين انشقَّ الفجر، والناس لا يكاد يعرفُ بعضهم بعضاً، ثمَّ أمره فأقام بالظهر حين زالت الشمس، والقائل يقول: قد انتصف النهار وهو كان أعلم منهم، ثمَّ أمرهم فأقام بالعصر والشمس مرتفعة، ثمَّ أمره فأقام بالمغرب حين وقعت الشمس، ثمَّ أمره فأقام العِشاء حين غاب الشفق.
ثمَّ أخَّر الفجر من الغد، حتى انصرف منها والقائل يقول: قد طلعت الشمس أو كادت، ثمَّ أخَّر الظهر حتى كان قريباً من وقت العصر بالأمس، ثمَّ أخَّر العصر حتى انصرف منها القائل يقول: قد احمرَّت الشمس، ثمَّ أخَّر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق، ثمَّ أخَّر العِشاء حتى كان ثلث الليل الأول. ثمَّ أصبح، ودعا السائل فقال: ” الوقتُ بين هذَينِ “.
تفصيل وقت كل صلاة:
الفجر:
يدخل وقته بظهور الفجر الصادق ويمتد إلى طلوع الشمس؛ قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ” وقتُ صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس ” رواه مسلم.
الظهر:
يبدأ وقته بانحراف الشمس عن منتصف السماء نحو الغروب _ ويسمّونه الزوال _ ويمتد وقته إلى أن يصير طول ظلّ الشيء مثله، علاوة على ظل الزوال الذي كان علامة على أول وقت الظهر.
روى مسلم أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ” وقتُ الظهر إذا زالت الشمس، وكان ظِلُّ الرجُل كطوله، ما لم يحضُر العصر “.
العصر:
يبتدئ وقته بنهاية وقت الظهر، ويستمرّ حتى تغرب الشمس، دلَّ على ذلك قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: ” ومنْ أدركَ ركعةً من العصر قبل أن تغربَ الشمسُ فقد أدرك العصر ” رواه البخاري ومسلم.
ولكن الاختيار أن لا يؤخرها المصلي عن مصير ظلّ الشيء مثلَيه علاوة على ظلّ الزوال؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: ” ووقت العصر ما لم تصفرَّ الشمس ” رواه مسلم. وهو محمول على وقت المختار.
المَغرِب:
يبتدئ وقته بغروب الشمس، ويمتدّ حتى يغيب الشفق الأحمر ولا يبقى له أثر في جهة الغرب.
دلَّ على ذلك قول رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ” وقتُ المَغرِب ما لم يَغِبِ الشفق ” رواه مسلم.
العِشَاء:
يدخل وقته بانتهاء وقت المغرب، ويستمرّ إلى ظهور الفجر الصادق. والاختيار أن لا يؤخر عن الثلث الأول من الليل.
ودلَّ على وقت العشاء ابتداءً وانتهاءً واختياراً: ما جاء في حديث المواقيت مع ما رواه مسلم وغيره، عن أبي قتادة رضي الله عنه أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ” أما إنَّه ليس في النوم تفريط، إنَّما التفريط على من لم يصلِّ الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى “.
هذه هي أوقات الصلاة الخمس، ولكن ينبغي أن لا يتعمَّد المسلم تأخيرها إلى أواخر أوقاتها، محتجاً باتساعها؛ إذ ربما تسبب عن ذلك إخراجها عن وقتها، بل ربما تسبب عن هذا التهاون تركها، وإنما يُسنّ تعجيل الصلوات لأول الوقت، وقد سئل النبي صلَّى الله عليه وسلَّم عن أفضل الأعمال؟ فقال: ” الصلاة على وقتها “، أي عند أول وقتها. رواه البخاري ومسلم.
ملاحظة:
اعلم أنَّ من وقع بعض صلاته في الوقت، وبعضها خارجه: فإنَّه إن وقع ركعة في الوقت كانت الصلاة أداءً، وإلا كانت قضاءً؛ ودليل ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ” من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر “.
الأوقات التي تكره فيها الصلاة
تكره الصلاة كراهة تحريم:
- بعد صلاة الصبح حتى ترتفع الشمس كرمح في النظر.
- وعند استواء الشمس في كبد السماء إلا يوم الجمعة.
- وبعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس.
ودليل ذلك ما رواه مسلم عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: ثلاث ساعات كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ينهانا أن نصلّي فيهنَّ، وأن نقبر موتانا: حين تطلع الشمس بازغةً حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيَّف الشمس للغروب حتى تغرب.
وهذه الكراهة إن لم يكن للصلاة سبب متقدِّم، أو تُعمِّد الدفن فيها.
وأما إذا لم يتعمد الدفن فيها وجاء اتفاقاً، أو كان للصلاة سبب متقدِّم كسنة الوضوء وتحية المسجد وقضاء الفائتة؛ فإنَّه لا كراهة في ذلك.
ويدل على عدم الكراهة: ما رواه البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: من نسي صلاة فليصلِّ إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك: {… وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} سورة طه؛ الآية: 14.
ويستثنى من هذا النهي مطلقاً حَرَمُ مكَّة المُكرَّمة، لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: ” يا بني عبد منافٍ لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلَّى أيَّة ساعة شاء من ليلٍ أو نهار ” رواه الترمذي وأبو داود.