عقد المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى جلسة في دار الفتوى برئاسة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان وبحضور الرئيس فؤاد السنيورة وتدارس المجلس في الشؤون الإسلامية والوطنية وأخر المستجدات على الساحة اللبنانية، وأصدر بيانا تلاه عضو المجلس الدكتور عبد الاله ميقاتي الاتي نصه:
توقف المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى ملياً عند الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والانسانية التي تمر بها البلاد وعند الخطر الذي يهدد الكيان اللبناني جميعاً في حياتهم ومعاشهم وأمنهم وكراماتهم، ولا من معين لهم ولا داعم، مع غياب كامل وعجز غير مبررين للدولة ومؤسساتها ومرافقها، ولا مبالاة بما يعاني منه المواطنون من جوع ومرض وخوف وقلق على المستقبل والمصير.
اكد المجلس إن عدم شعور السلطة بمسؤولياتها وتخليها عن القيام بمهامها الأساسية تجاه شعبها الذي يقاسي شظف العيش ومرارة الحياة وذل السؤال بسبب البطالة وخسارة مدخراتهم وتراجع مواردهم المالية، وانقطاع رواتبهم وضعف قدرتهم الشرائية، ما يجعلنا نتساءل ما إذا كانت السلطة السياسية تتحسس فعلاً ما أصاب الناس، وما يصيبهم من مآسى وآلام ومن اضطراب في مختلف وجوه حياتهم، وما إذا كانت السلطة لا تزال قادرة على الاستمرار في تحمل مسؤولياتها في وقت تؤكد فيها الوقائع والأحوال على فقدانها لأبسط مقومات وجودها وجمع مكونات المجتمع اللبناني فضلا عن خسرانها لثقة مواطنيها وثقة الداخل والخارج.
إن المواطنين يتسألون بإلحاح واستغراب عن ماهية السياسة الاقتصادية والمالية التي تتبناها السلطة. والواقع يثبت ان لا سياسة اقتصادية ولا مالية ولا رؤية للحاضر والمستقبل، ولاسيما في انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية دون رقيب ولا حسيب، وفي ظل غياب وعجز السلطات المالية والنقدية.
وشدد المجلس على ان اللبنانيين باتوا في أسف وأسى مما يحصل و من النقاش الدائر في البلاد، بعيداً عن همومهم ومصائبهم، و بما يعنى بأحوالهم وبأمنهم الغذائي والاجتماعي والصحي والإنساني وبمستقبل أبنائهم و باستقامة حياتهم، وهم لا يصدقون مدى الانحدار الذي وصل إليه تعاطي المسؤولين عن شؤون البلاد، والذين يعنيهم هو مصالحهم الخاصة والفئوية فقط، وإلا كيف يفسر هؤلاء هذه الفوضى العارمة التي تتحكم بإدارة البلاد.
اكد المجلس على ضرورة استقلالية القضاء ليقوم بمهامه بحياد كامل ونزاهة عالية والإفراج عن التشكيلات القضائية إنفاذا للقانون والابتعاد عن الانتقائية في إدارة الملفات وفتحها.
إن حجم الكارثة التي أصيبت بها البلاد، وأصابت اللبنانيين جميعاً في الصميم، يجعلنا نتسأل عما يدعو أولي الأمر إلى البقاء في السلطة، وهم لا يخفون عجزهم عن تحمل مسؤولية قيادتهم للبلاد، وعدم قدرتهم على الانقاذ، أو إيجاد الحلول للمشاكل التي يتخبط بها لبنان، وهم يتركونه يواجه مصيره متجهاً، نحو السقوط المريع، بدلاً من أن يعملوا لخلاص لبنان.
إن المسؤولية الوطنية والأخلاقية تدعو جميع اللبنانيين، إلى الالتفاف والعمل لإنقاذ لبنان، كياناً ووجوداً، فالمسألة تخطت الشأن المالي والاقتصادي والسياسي، بل أصبحت مسألة مستقبل ومصير، وما لم يتخل اولو الأمر عن طموحاتهم السياسية ومصالحهم الذاتية، ونزعتهم الانوية ، فلن يكون للبنان لا مستقبل ولا خلاص، فالتضحية مطلوبة من الجميع، ودونها لا خلاص ولا مستقبل، وهي تضحية من أجل لبنان، ولبنان يستحق ذلك.