عقد المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى جلسته الدورية في دار الفتوى برئاسة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان وتم التداول في الشؤون الإسلامية والوطنية وآخر المستجدات على الساحة اللبنانية، واصدر بيانا تلاه عضو المجلس الشيخ فايز سيف الاتي نصه:
توقف المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى مطوّلاً أمام ظاهرة شاذة تتمثل في الإلتفاف حول قضية انتخاب رئيس جديد للجمهورية والإهتمام بقضية مصطنعة لتشكيل حكومة جديدة، أو تعديل الحكومة الحالية التي يترأسها الرئيس نجيب ميقاتي .
يؤكد المجلس الشرعي ان لبنان يحتاج الى رئيس جديد للجمهورية خاصة بعد سلسلة العثرات والمواقف الإرتدادية عن روح الدستور اللبناني واتفاق الطائف وميثاق العيش المشترك، انه يحتاج الى رئيس جديد يحترم قَسَمه الدستوري ويلتزم به ، غير ان ما يجري في الوقت الحاضر هو الإلتفاف على هذه القيم والمبادئ، أحياناً بالطعن بشرعية الحكومة الحالية والإلتفاف عليها، وأحياناً أخرى بطرح شعارات التمثيل الطائفي والمذهبي .
لقد بيّنت المرجعيات الدستورية في لبنان كيف ان هذه المواقف التعطيلية المتعمدة لدور الحكومة ولإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها تشكل انتهاكاً للدستور واتفاق الطائف.
يدعو المجلس الشرعي الى احترام النصوص الدستورية. ويحذّر من ان الإلتفاف على هذه النصوص تحت أي ذريعة لن يؤدي إلا الى المزيد من المتاعب والإضطرابات التي تدفع لبنان نحو الهاوية ، بدلاً من أن تنتشله مما هو فيه من معاناة .
يناشد المجلس الشرعي جميع القوى السياسية للتعاون والتضامن وتوحيد الصف لإيجاد الحلول الوطنية الناجعة لولادة الحكومة، ويرى أن الصيغة التي قدمها الرئيس المكلف لرئيس الجمهورية لتشكيل الحكومة هي ثمرة اللقاءات والاتصالات والمشاورات التي أجراها الرئيس نجيب ميقاتي مع القوى السياسية والتكتلات النيابية كافة لإنجاز تأليف الحكومة والتي هي الخطوة الأولى على الطريق الصحيح لإنقاذ البلد، ويؤكد المجلس دعمه وتأييده للرئيس ميقاتي في مسعاه لتشكيل الحكومة وفي الخطوات التي يقوم بها من اجل وطنه وشعبه.
ويبدي المجلس الشرعي حرصه على صلاحيات رئيس الحكومة في ممارسة المهام المنوطة به و المحددة له في الدستور واتفاق الطائف، ولاسيما في ما يتعلق بتشكيل الحكومة ولا يمكن المس بهذه الصلاحيات تحت أي ذريعة أو مصالح فئوية لأنها تستهدف لبنان وعيشه المشترك وهي قضية وطن وبناء دولة، مما ينبغي الترفع عن الحسابات الضيقة فيها.
ويعرب المجلس عن ألمه الشديد لفشل أجهزة الدولة في معالجة الأزمة المعيشية الخانقة التي يعاني منها اللبنانيون، سواء لجهة ارتفاع سعر صرف الدولار دون حسيب أو رقيب، وبالتالي لارتفاع أسعار المواد الغذائية. واخطرها الأقساط المدرسية والجامعية التي أضحت تدفع بالعملتين اللبنانية والأميركية.
ويدعو المجلس الشرعي كافة المسؤولين الى إيلاء هذه القضايا المعيشية والاجتماعية والحياتية العناية والاهتمام والمعالجة الفعّالة ، بدلاً من الدوران في حلقات مفرغة من الإتهامات والاتهامات المعاكسة . فالمواطن يريد خبزاً لا جعجعة .. ويريد عيشا كريما ودواء وعلاجاً وليس وعوداً كاذبة.
وشدد المجلس الشرعي على ان قضية النازحين السوريين هي قضية لبنانية وعربية ودولية وتتطلب المزيد من الجهود لوضع حد للمأساة التي لا يستطيع لبنان ان يتحملها بمفرده مما يستدعي دعما عربيا ودوليا للبنان في هذه القضية الإنسانية.
ويؤكد المجلس الشرعي ان التعرض للمملكة العربية السعودية ولسائر دول مجلس التعاون الخليجي بين الحين والأخر امر مرفوض ويشكل إدانة للبنان الحريص على علاقاته مع دول الخليج العربي التي نريد أن تكون علاقاتنا معها على افضل مستوى، واي تهديد للسفارة السعودية او أي سفارة عربية أخرى هو تهديد للأمن الوطني والسلم في لبنان، وهذا بعناية الأجهزة الأمنية المختصة التي نثق بأدائها.
ويناشد المجلس خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين محمد بن سلمان ودول مجلس التعاون الخليجي إلى عدم التخلي عن لبنان وتركه في محنته فلبنان عربي الهوية والانتماء ولن يكون إلا مع إخوانه العرب.
ولمناسبة ذكرى العدوان الإسرائيلي على المسجد الأقصى واستمرار هذا العدوان يوماً بعد يوم، وأسبوعاً بعد أسبوع، فان المجلس يهيب بدول العالم الإسلامي وخاصة جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، العمل على تنفيذ المقررات التي سبق أن صدرت عن مؤتمرات القمم العربية والإسلامية لجهة تحرير المقدسات العربية والاسلامية من براثن الاحتلال الصهيوني .