استقبل مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى النائب وضاح الصادق الذي قال بعد اللقاء: زيارتنا اليوم لسماحته هي زيارة دورية أولًا، ولمعايدته ولو متأخراً بسبب سفر سماحته، فزيارة دار الفتوى واجب علينا، وثانياً، من المؤكد أنَّ البلدَ يمر بمرحلة صعبة وحساسة جداً، واليوم بعد عودتنا من واشنطن، وبعد اللقاء في معراب، حيث أصدر بيانًا لتأكيد تطبيق القرار 1701 إن كان من قِبل العدو الإسرائيلي، أو من لبنان. لذا كان من الواجب إطلاع سماحته على مستجدات الزيارة واللقاء، وأعود فأؤكد من منبر دار الفتوى أنَّ حماية اللبنانيين اليومَ من أيِّ حرب يشنها العدو الإسرائيليّ، أو أنْ يُعطى العدُوُّ ذريعة لشنِّ هذه الحرب، واجبٌ علينا منعُها وتجنُّبُها جميعنا، إن من قِبل دار الفتوى، أو مِن قِبلنا نحن كنواب أو مسؤولين في لبنان، من هذا المنطلق كان الإصرار على تطبيق القرار 1701، الذي من ضمن مندرجاته اتفاق الطائف، الذي أنهى الحرب اللبنانية، والذي هو اليوم دستورنا، والمدخل إلى جميع الحلول، وبتطبيقه فقط نستطيع الوصول إلى الحل.
وهناك موضوع آخر أساسيّ، تكلمت به مع سماحته، وأتمنى أن يكون له دور أساسي فيه وهو “بيروت”، بيروت اليوم في وضع مأساوي إن على الصعيد الأمنيّ، أو على صعيد الحياة اليومية، أو على صعيد الفوضى في طرقاتها، وللأسف لم يتمكَّن حتى الآن نواب بيروت الثانية المساهمة في حلّ مشكلاتها، كما فعل نواب بيروت الأولى التي تعيش حالة جيدة، لأنَّ نوابها متضامنين موحَّدين حول هذا الهدف، ينسقون مع الجمعيات المحليّة، ويقومون بكل ما يستطيعون في غياب الدولة. أمّا بيروت الثانية فتعيش في حالة سيئة جدًا. علينا أن نقوم بدورنا كنواب بيروت الثانية، لذا أحببت أن أبدأ من دار الفتوى لأنَّ دورها أساسيّ أيضًا، لنحسِّن من مستوى عيش النَّاس فيها، إضافة إلى الحالة الاجتماعيَّة المتردِّية. لذا تمنَّيت على سماحته أن يعمل على المساعدة من هذا المكان، بالتعاون مع وزير الداخلية، ومع المدير العام لقوى الأمن الداخلي، بداية بتشديد الأمور الأمنية في بيروت، وثانياً لنضع أيدينا جميعًا مع بعض الجمعيات، لتحسين الوضع الاجتماعي لبيروت.
سئل: ماذا حملت من واشنطن من تطمينات؟
أجاب ضاحكًا: بكل صراحة ليس هناك ما يطمئن، وقد ذكرت ذلك في مقابلة معي بعد عودتي بيومين، بأننا أُبلغنا في واشنطن بقرار إسرائيل النهائي بدخول رفح، واليوم نرى ونسمع عن إصرار هذا العدو على إقامة منطقة عازلة للحدود بيننا وبينه مسافة 10 كم ويمكن أكثر، وقد كانوا يدرسون ذلك من الناحية التقنية، وأُبلغنا أيضًا أنه لا سبيل للوصول إلى هدوء على جبهة الجنوب أو شمال فلسطين المحتلة، إلا بمنطقة عازلة كاملة، ودخول الجيش اللبناني بتعداد يتراوح ما بين 8000 و10000 عسكري لبنانيّ، مع قوات اليونيفيل، وعزل المنطقة بالكامل. هذا كان واضح جدًا، والأمريكي أبلغنا كذلك، أنه لا يستطيع أن يمارس المزيد من الضغوط على الإسرائيلي، إذا لم يحصل المطلوب في منطقة الجنوب. للأسف بلغ الأمر في الجنوب اليوم مستويات من القتل والدمار والخراب والإجرام لم نعهدها من قبل في التاريخ الحديث، فأهلنا في الجنوب اليوم يتكبَّدون مآسي التهجير وخسائر الدمار والخراب، واليوم سمعت تقريرًا مفاده أنَّ هناك 3000 وحدة سكنية مدمرة بالكامل، وخسائر كبيرة جدًا في القطاع الزراعيّ والصناعيّ.
وختم قائلًا: نحن نحاول دائمًا الضغط قدر المستطاع لنصل إلى تطبيق القرار 1701 ولو على بشكل متدرج إن لناحية الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، أو لناحية استعمال الأراضي اللبنانية لأجندات أجنبية.